الخميس، فبراير 16، 2017

في رحاب المدينة


بسم الله الرحمن الرحيم

،,

 إضاءة :
 "حين تكبر الدنيا في قلبك و تنسى نصيبك من الآخرة ،
بادر بزيارة المدينة المنورة 
و أنت في طريقك إليها تأمل الطرقُ التي ربما قد سار فيها رسول الله صلى الله عليه و سلم يوماً
إما ماشياً أو راكباً أو مُهاجراً أو مُقاتلاً في سبيل الله حتى يصلكَ هذا الدين على طبقٍ من ذهب  "

،,

يسّر الله لي زيارة المدينة المنورة لأول مرة في حياتي ، يوم الأحد 24 ربيع الآخر 1438هـ
كنتُ قد ذهبتُ مع أهلي و عمري لا يُجاوز السنتين كما تقول أمي ،
و الآن زُرتها و أنا في الرابعة و العشرين مع طفلتي قبل أن تُكمل عامها الأول :)
انطلقنا من مكة المكرمة الواحدة و النصف صباحاً ، ووصلنا أذان الفجر .. كان توقيتاً رائعاً !

خلال رحلتنا ، أسندتُ رأسي إلى النافذة 
ساعدني  هدوء الليل و قلة السيارات أن اُبحر بخيالي في ذكرى الهجرة النبوية ..
فكرتُ في رسول الله صلى الله عليه و سلم حين ضاقت عليه أحب البلاد و خرجَ مُهاجراً إلى المدينة 
كيف قطع كل هذه الطريق و كم قضى من الوقت حتى وصل ؟ 
هنيئاً للصدّيق رضي الله عنه كان له مؤنساً و رفيقاً ..
و حين مررنا بِبدر تذكرتُ موقعتها خاصةً و أنها ليست قريبة لا من مكة ولا من المدينة 
هذا الحال بالسيارة فكيف بالجمال و الخيول ؟
طوال الطريق إلى المدينة النبويّة كنتُ أفكر كم من المتاعب و المشاقّ تحملها رسول الرحمة صلى الله عليه و سلم 
في سبيل أن يُبلّغ هذا الدين ؟
لو ألقى علينا نظرةً الآن هل كان يفرح بِنا ؟

وصلنا إلى المدينة ، و في كلّ شبر منها كنتُ أتخيل مكان إقامة نبي الله صلى الله عليه و سلم و صحبهِ الطيبين .
قضيتُ فيها 3 أيام مرت كَأسرع ما يكون ،

زُرت في اليوم الأول المعارض الإسلامية المُحيطة بالحرم النبوي ، و هي
معرض القرآن الكريم ، معرض محمد رسول الله ، و معرض أسماء الله الحُسنى 
بقي معرض عمارة المسجد النبوي لكن الوقت لم يُسعفني لزيارته .
مما لفتني خلال الزيارة جهود رئاسة الحرمين و الحكومة الرشيدة في التنظيم و توظيف المرشدين من جميع اللغات ،
شكر الله سعيهم و جزاهم عنّا و عن المسلمين خير الجزاء .

في اليوم التالي زُرنا متحف محطة الحجاز ، و هي محطة قطار اُنشئت في العصر العثماني تربطُ بين المَدينة و دمشق
و فيها من جمال العِمارة و التخطيط ما يأسر القلب فعلاً ، 
حُولت الآن إلى متحف يضمّ تُراث المدينة من عهدِ النبي صلى الله عليه و سلم إلى العصور المُتأخرة .

ثم تَوجهنا للصلاة في قُباء .

و بعدها ذهبنا لجبل أحد ،
"...لو أنفقَ أحدكُم مثلَ أُحدٍ ذهباً مَا بلغَ مُدّ أحدِهم ولا نُصيفهُ" فأي شأنٍ و أي كرامةٍ بلغها الصحابة الكِرام رضي الله عنهم ؟
و مقابل اُحد  جبل الرماة و مقبرة شهداءِ أحد ، و التي فيها حوالي السبعين شهيداً من الصحابة رضي الله عنهم منهم عم رسول الله 
سيدنا حمزة بن عبدالمطلب رضوان الله عليه . 
و عند وقوفي جوار المقبرة التي هزّت كياني  و جعلتني أستحقر الدنيا فعلاً ، تسربت منها رائحة الطيب من الجهة المُقابلة للقبور 
لا هي مسك ولا عطر  رائحة طيبة بكل معنى الكلمة ..
سرَت القشعريرة في جسدي .. فكرتُ إذا كانت هذه مُكافأة الدنيا لمن نذر نفسه ليذود عن نبي الله و ينصر دينه فكيف بثواب الشهداء يوم القيامة ؟
و أين سنكون من صحابة نبينا صلى الله عليه و سلم يوم يقوم الأشهاد ؟
أيّ منزلة أستحقها أمام الصّحب و الشُهداء ؟
اللهم ارضَ عنا و عنهم ، و ألحقنا بهم و حسُنَ أولئك رفيقا .

و أخيراً توجهنا للمسجد النبوي ، حيثُ أكرمني الله بالصلاة في الروضة الشريفة .
رأيتُ بكاء المُسلمات فيها من مختلف الجنسيات ، و اللاتي قضَين عُمراً في انتظار هذه اللحظة ، 
و دفَعن كثيراً من المال للوصول إلى هُنا ..لعل الله أن يتقبّل منّا و منهم .

و في يومنا الأخير ، عزمنا للرجوع إلى مكة .. وودّعتُ طَيبة بقلبٍ مفطور لم يُرِد أن يُغادر ..
و هكذا انتهت زيارتي القصيرة جداً و بإذن الله ليست الأخيرة .

،,

اللهمّ صلّ و سلم على نبينا و سيدنا و حبيبنا محمد بن عبدالله و على آل بيته و أصحابه الطيبين الطاهرين 
و ارضَ اللهم عنا و عنهم و ألحقنا بهم يارب العالمين .
السلام عليكَ يا رسول الله .. نُشهد الله أنكَ بلّغت الأمانة ، و نصحتَ الأمة ، و جاهدتَ في الله حقّ جهاده .
اللهم أكرمنا بشفاعته و أوردنا حوضه و اجمعنا به يوم يقوم الأشهاد .
و الحمدلله رب العالمين .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق